فصل: أبواب ما يتجنبه المحرم وما يباح له

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.أبواب ما يتجنبه المحرم وما يباح له

.[8/20] باب ما يتجنبه من اللباس

3044 - عن ابن عمر قال: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يلبس المحرم فقال: لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ولا البُرْنُس ولا السراويل ولا ثوبًا مسه وَرْس ولا زعفران ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين» رواه الجماعة وفي رواية لأحمد قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: على هذا المنبر» وذكر معناه. وفي رواية للدار قطني: «أن رجلًا نادى في المسجد ماذا يترك المحرم من الثياب».
3045 - وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين» رواه أحمد والبخاري والنسائي والترمذي وصححه، وفي رواية لأحمد وأبي داود: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى النساء في الإحرام عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب» ولأبي داود والحاكم: «ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألون الثياب معصفرًا أو خزًا أو حليًا، أو سراويل أو قميصًا» وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وللبخاري ومسلم في رواية: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلبس المحرم ثوبًا مصبوغًا بزعفران أو ورس، وقال: من لم يجد نعلين فليلبس خفَّين وليقطعهما أسفل من الكعبين».
3046 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يجد نعلين فليلبس خفَّين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس سروايل» رواه أحمد ومسلم.
3047 - وعن ابن عباس قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب بعرفات: من لم يجد إزارًا فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين» متفق عليه، وفي رواية للترمذي وقال: حسن صحيح، «المحرم إذا لم يجد الإزار فليلبس السراويل، وإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين» وفي رواية لأبي داود: «السراويل لمن لم يجد الإزار والخف لمن لم يجد النعلين» وفي رواية لأحمد: «من لم يجد إزارًا ووجد سراويل فليلبسها، ومن لم يجد نعلين ووجد خفين فليلبسهما قلت: ولم يقل ليقطعهما، قال: لا، هكذا» رواه أحمد وتمسك به على جواز لبس الخف من غير قطع والسراويل بغير فتق وخالفه الجمهور عملًا بالحديث المقيد بالقطع.
3048 - وعن عائشة قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن محرمات، فإذا جاوزوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من ورائها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفنا» رواه أبو داود وابن ماجه وابن خزيمة.
3049 - وله من حديث أسماء بنت أبي بكر نحوه وصححه الحاكم.
3050 - وعن سالم: «أن عبد الله بن عمر كان يقطع الخفين للمرأة المحرمة، ثم حدثته حديث صفية بنت أبي عبيد أن عائشة حدثتها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قد رخص للنساء في الخفين فترك ذلك» رواه أبو داود بإسناد فيه ابن إسحاق إلا أنه لم يعنعن.
قوله: «البرنس» قُلُنْسوة طويلة كان الزهاد يلبسونها في صدر الإسلام.
قوله: «لا تنتقب» النقاب: الخمار الذي يستر على الأنف أو تحت المحاجر.
قوله: «القفازين» بضم القاف وتشديد الفاء وبعد الألف زاي: ما تلبسه المرأة في يديها يغطي أصابعها وكفها عند معاناه شيء وهو لليد كالخف للرجل وقال في "غريب الجامع": هو شيء يعمل لليدين يحشى بقطن ويكون له أزرار يُزرّر بها على الساعد من البرد تلبسه المرأة في يديها وقيل يغطى بهما الكفان والأصابع وقيل هو ضرب من الحلي.
قوله: «جلبابها» الجلباب: الملحفة.

.[8/21] باب ما يصنع من أحرم في قميص وجواز تظلل المحرم من الحر أو غيره وما جاء من النهي عن تغطية الرأس حال الإحرام

3051 - عن يَعْلى بن أميَّة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه رجل متضمخ بطيب فقال: يا رسول الله! كيف ترى في رجل أحرم في جبة بعدما تضمخ بطيب فنظر إليه ساعة فجاءه الوحي ثم سُرِّي فقال: أين الذي سألني عن العمرة آنفًا؟ فالتُمس الرجل فجيء به فقال: أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها ثم اصنع في العمرة كما تصنع في حجك» متفق عليه، وفي رواية لهم: «وهو متضمخ بالخَلُوق» وفي رواية لأبي داود: «فقال له: اخلع جبتك فخلعها من رأسه» وفي رواية للبخاري: «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجِعرّانة قد أهل بعمرة وهو مصفر لحيته ورأسه وعليه جبة فقال: يا رسول الله! أحرمت بعمرة وأنا كما ترى قال: انزع عنك الجبة واغسل عنك الصفرة».
قوله: «الخَلُوق» هو بالخاء المعجمة ضرب من الطيب أحمر أو أصفر.
3052 - وعن أم الحُصَين قالت: «حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالًا أحدهما آخذ بخطام ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة» وفي رواية: «حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامه أحدهما يقود به راحلته والآخر رافع ثوبه على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - يظله من الشمس» رواهما أحمد ومسلم.
3053 - وعن ابن عباس: «أن رجلًا أوقَصَته راحلته وهو محرم فمات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اغسلوه بماء وسِدر وكفنوه في ثوبه ولا تخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه.

.[8/22] باب جواز حمل المحرم السلاح بالحرم وكراهة شهرته

3054 - عن البراء قال: «اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن يَدَعوه يدخل مكة حتى قاضاهم لا يدخل مكة سلاحًا إلا في القراب».
3055 - وعن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج معتمرًا فحال كفار قريش بينه وبين البيت فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل ولا يحمل سلاحًا عليهم إلا سيوفًا، ولا يقيم إلا ما أحبوا فاعتمر من العام المقبل فدخلها كما كان صالحهم فلما أن أقام بها ثلاثة أيام أمروه أن يخرج فخرج» رواهما أحمد والبخاري، وفي رواية لأبي داود: «صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الحديبية صالحهم ألا يدخلوها إلا بجلبّات السلاح فسألته: ما جلبات السلاح؟ فقال: القراب» بما فيه قال في "جامع الأصول": وهو طرف من حديث طويل أخرجه البخاري ومسلم وهو مذكور في كتاب الغزوات.
3056 - وعن ابن جُبير قال: «كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أخمص قدميه فلزقت قدمه بالركاب فنزلت ونزعتها وذلك بمنى، فبلغ الحجاج فجاء يعوده فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك؟ فقال ابن عمر: أنت أصبتني قال: وكيف؟ قال: حملت السلاح في يوم لم يكن يحمل فيه وأدخلت السلاح الحرم ولم يكن السلاح يدخل الحرم» رواه البخاري وفي رواية له: «دخل الحجاج على ابن عمر وأنا عنده فقال: كيف هو؟ قال: صالح من أصابك، قال: أصابني من أمر بحمل السلاح في يوم لا يحل فيه حمله. يعني الحجاج».

.[8/23] باب منع المحرم من ابتداء الطيب دون استدامته

3057 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يلبس المحرم ثوبًا مسّه وَرْس ولا زَعفران» مختصر من حديث أخرجه الجماعة، وقد تقدم.
3058 - وقال - صلى الله عليه وسلم - في المحرم الذي مات «لا تحنطوه» وقد تقدم في كتاب الجنائز.
3059 - وعن عائشة قالت: «كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت» أخرجاه، وفي رواية للبخاري: «بأي شيء طيبت النبي - صلى الله عليه وسلم - عند إحرامه؟ قالت: بأطيب الطيب» وفي أخرى له: «بأطيب ما أقدر عليه قبل أن يحرم ثم يحرم».
3060 - وعن عائشة قالت: «كأني أنظر وَبِيص الطيب في مفرق النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم» متفق عليه، وقال البخاري: «مفارق» ولمسلم والنسائي وأبي داود «وبيص المسك في مفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم».
3061 - وعن عائشة قالت: «كنا نخرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة فنضمد جباهنا بالسُّكِّ المطيب عند الإحرام، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا ينهانا» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري ولا بأس بإسناده.
3062 - وعن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ادهن بزيت غير مقتت وهو محرم» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث فرقد السبخي عن سعيد بن جبير، وقد تكلم يحيى بن سعيد في فرقد وقد رواه عنه الناس، انتهى.
قوله: «السك» بضم السين وتشديد الكاف نوع من الطيب والوبيص اللمعان.
قوله: «غير مقتت» أي غير مطيب والقت تطييب الدهن بالريحان.

.[8/24] باب جواز حلق شعر الرأس لمن تؤذيه هوام رأسه وعليه الفدية

3063 - عن كعب بن عُجْرة قال: «كان بي أذى من رأسي فحملت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقمل تتناثر على وجهي فقال: ما كنت أرى الجُهْد قد بلغ منك ما أرى! أتجد شاة؟ قلت: لا، فنزلت الآية: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:196] قال: هو صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، نصف صاع طعاماً لكل مسكين» متفق عليه، وفي رواية: «أتى عليَّ رسول الله زمن الحديبية فقال: كأن هوام رأسك تؤذيك؟ فقلت: أجل قال: فاحلقه واذبح شاة، أو صم ثلاثة أيام، أو تصدق بثلاثة آصع من تمر بين ستة مساكين» رواه أحمد ومسلم وأبو داود، وله في رواية: «فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين فرقًا من زبيب أو نسك شاة فحلقت رأسي، ثم نسكت، وللحديث ألفاظ والفَرَق ثلاثة آصع وهذه القصة سبب نزول قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة:196].

.[8/25] باب ما جاء في الحجامة للمحرم وغسل رأسه

3064 - عن عبد الله بن بُحَينَة قال: «احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم بلحى جمل من طريق مكة في وسط رأسه» متفق عليه.
3065 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم» أخرجاه، وأخرجه أبو داود بلفظ: «احتجم وهو محرم في رأسه من داء كان به» وأخرجه النسائي.
3066 - وعن عبد الله بن حُنَين: «أن ابن عباس والمِسْوَر بن مَخْرمة اختلفا بالأبواء، فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه وقال المِسْوَر: لا يغسل المحرم رأسه فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري فوجدته يغتسل بين القَرْنَين وهو مستر بثوب فسلمت عليه فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حُنَين أرسلني إليك ابن عباس يسألك كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل وهو محرم قال: فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال لإنسان يصب الماء اصبب فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر فقال: هكذا رأيته - صلى الله عليه وسلم - يغتسل» رواه الجماعة إلا الترمذي، وفي رواية للبخاري وغيره: «فرجعت إليهما فأخبرتهما فقال المِسْور لابن عباس: لا أماريك أبدًا» الأبواء موضع معروف، القَرْنَين أي قرني البئر.

.[8/26] باب ما جاء في الكحل للمحرم وترك التزيين

3067 - عن نُبيه بن وهب: «أن عمر بن عبيد الله اشتكى عينيه وهو محرم فأراد أن يكحلهما فنهاه إبان بن عثمان وأمره أن يضمدها بالصبر وحدثه عن عثمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يفعله» أخرجه مسلم والترمذي وقال حسن صحيح، وفي رواية لمسلم قال: «خرجنا مع أبان بن عثمان حتى إذا كنا بملل اشتكى عمر بن عبيد الله عينيه فلما كان بالرَّوحاء اشتد وجعه فأرسل إلى أبان بن عثمان وهو أمير الموسم ما يصنع بهما قال: أضمدها بالصبر فإني سمعت عثمان يحدث ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» وأخرج النسائي منه المسند فقط، قال: «للمحرم إذا اشتكى عينيه أن يضمدها بالصبر».
3068 - وعن ابن عمر «أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: من الحاج يا رسول الله؟ قال: الشعث التفل» رواه الترمذي بإسناد فيه إبراهيم بن يزيد الخوزي، تُكُلِّم فيه من قِبَل حفظه.

.[8/27] باب ما جاء في المحرم يضرب غلامه تأديبًا

3069 - عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجاجًا حتى إذا كنا بالعَرْج نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلنا، فجلست عائشة إلى جنب النبي - صلى الله عليه وسلم - وجلست إلى جنب أبي وكانت زمالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزمالة أبي بكر واحدة مع غلام لأبي بكر فجلس أبو بكر ينتظر أن يطلع عليه فطلع عليه وليس معه بعيره، فقال له أبو بكر: أين بعيرك؟ قال: أضللته البارحة، قال أبو بكر: بعير واحد تضله وطفق يضربه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبسم ويقول: انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع، وما يزيد على ذلك وتبسم» رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد فيه محمد بن إسحاق وقد عنعن وقد تقدم الكلام فيه.
قوله: «زمالة» الزمالة البعير الذي يحمل الرجل عليه زاده وأداته وما يركبه.

.[8/28] باب ما جاء في نكاح المحرم وحكم وطئه

3070 - عن عثمان بن عفان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يَنْكِح المحرم ولا يُنْكَح ولا يخطب» رواه الجماعة إلا البخاري وليس للترمذي «ولا يخطب».
3071 - وعن ابن عمر: «أنه سئل عن امرأة أرادوا أن يزوجوها رجلًا وهو خارج من مكة فأراد أن يعتمر أو يحج فقال: لا تتزوجها وأنت محرم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه» رواه أحمد بإسناد فيه أيوب بن عتبة وفيه مقال، وقد وثق.
3072 - وقد روى مالك في "الموطأ" أو الدارقطني عن عمر «أن رجلًا محرمًا تزوج بامرأة ففرق بينهما».
3073 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم» رواه الجماعة، وفي رواية للبخاري: «تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو محرم وبني بها وهو حلال».
3074 - وعن يزيد بن الأصم عن ميمونة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها حلالًا وبنى بها حلالًا وماتت بسرف فدفناها في الظلة التي بنى بها» رواه أحمد والترمذي، ولمسلم وابن ماجه «تزوجها وهو حلال قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس» ولأبي داود: «قالت: تزوجني ونحن حلالان بسرف».
3075 - وعن أبي رافع: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة حلالًا وبنى بها حلالًا وكنت الرسول بينهما» رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن، وقال أبو داود قال ابن المسيب: وهِمَ ابن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم، انتهى. وقد رجح بعضهم رواية أبي رافع لأنه السفير وصاحب القصة وهو أخبر وأعرف من غيره، ويؤيده رواية ميمونة نفسها، وقال أبو حاتم في "صحيحه": قول ابن عباس وهو محرم أراد به داخل الحرم لا أنه كان محرمًا.
3076 - وعن يزيد بن نعيم: «أن رجلًا من جذام جامع امرأته وهما محرمان فسألا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اقضيا نسكًا وأهديا هديًا» رواه أبو داود مرسلًا، قال الحافظ: ورجاله ثقات.
3077 - وعن عمر وعلي وأبي هريرة: «أنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج فقالوا ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجتهما ثم عليهما حج قابل والهدي، قال: وقال علي وإذا أهلا بالحج من عامٍ قابلٍ تفرقا حتى يقضيا حجتهما» رواه مالك في "الموطأ" بلاغًا وأسنده البيهقي من حديث عطاء عن عمر وفيه إرسال.
3078 - وعن ابن عباس: «أنه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة» رواه مالك في "الموطأ" والبيهقي.

.[8/29] باب ما جاء في قتل صيد البر، وقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة:95] الآية

3079 - عن جابر قال: «جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الضبع يصيبه المحرم كبشًا وجعله من الصيد» رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم في "المستدرك" وابن حبان والدارقطني وصححه عبد الحق والترمذي وقال: سألت عنه البخاري فصححه، وقال البيهقي: حديث جيِّد يقوم به الحجة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
3080 - وعن عائشة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم في بيض النعام في كل بيضة صيام يوم» رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي، قال عبد الحق: لا يسند من وجه صحيح وفي إسناد أبي داود رجل لم يسم.
3081 - وأخرج الدارقطني والبيهقي من حديث كعب بن عُجْرة بإسناد ضعيف «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في بيض نعامة أصابه المحرم بقيمته».

3082 - وعن محمد بن سيرين قال: «قال رجل لعمر: أجريت أنا وصاحب لي فرسين فسبق إلى ثغرة ثنية فأصبنا ظبيًا ونحن محرمان فماذا ترى؟ فقال لرجل جنبه: تعال حتى نحكم أنا وأنت، قال: فحكما عليه بعنز، فولى الرجل وهو يقول: هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلًا فحكم معه، فسمع عمر قول الرجل، فدعاه فسأله هل تقرأ سورة المائدة؟ فقال: لا، فقال: هل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي؟ فقال: لا، فقال: لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربًا، ثم قال: إن الله عز وجل يقول في كتابه: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة:95] وهذا عبد الرحمن بن عوف» رواه مالك في "الموطأ" عن عبد الملك بن قريب وهو ثقة عن محمد بن سيرين.
3083 - وروي في "الموطأ" عن ابن الزبير «أن عمر قضى في الضبع بكبش وفي الغزال بعَنْز، وفي الأرنب بعَناق، وفي اليربوع بجَفْرة» رواه الشافعي عن عمر بسند صحيح.
3084 - وعن الأجلح بن عبد الله عن ابن الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في الضبع إذا أصابه المحرم كبش، وفي الظبي شاة، وفي الأرنب عَناق، وفي اليربوع جَفْرة، قال: والجفرة هي أنثى قد أرتعت» رواه الدارقطني وصحح وقفه.
3085 - وأخرجه البيهقي وأبو يعلى وقالا: عن جابر عن عمر رفعه، وقال ابن معين: الأجلح ثقة، وقال ابن عدي: صدوق، وقال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه.
قوله: «الثُغْرة» هي في الأصل ثغرة النحر التي بين الترقوتين «والثنية» الموضع المرتفع وثغرته موضع منفرج فيه.
قوله: «جَفْرة» قال في "التلخيص": الجفرة بفتح الجيم هي الأنثى من ولد الضأن التي بلغت ستة أشهر وفصلت عن أمها.

.[8/30] باب نهي المحرم أن يأكل لحم صيد البر وما صيد لأجله أو أعان عليه

3086 - عن الصَّعْب بن جَثّامة الليثي: «أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًا وهو بالأبواء أو بوُدّان فرده عليه فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم» متفق عليه، ولأحمد ومسلم: «لحم حمار وحش».
3087 - وفي راوية للنسائي عن ابن عباس: «أن الصَّعب بن جَثّامة أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل حمار وحش يقطر دمًا وهو محرم، وهو بقُدَيد فردها عليه».
3088 - وعن زيد بن أرقم: «وقال له ابن عباس يستذكره: كيف أخبرتني عن لحم صيد أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو حرام؟ فقال: أهدي له عضو من لحم صيد فرده، وقال: إنا لا نأكله! إنا حرم» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وفي رواية له «هل علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدي إليه عضو صيد فلم يقبله، فقال: إنا حرم؟ قال: نعم» وفي أخرى له «إنا حرم لا نأكل الصيد».
3089 - وعن علي عليه السلام: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي ببيض النعام، فقال:إنا قوم حرم أطعموه أهل الحل» رواه أحمد والبزار وفي إسناده علي بن زيد وفيه مقال، وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح.
3090 - وعن عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي قال: «كنا مع طلحة ونحن حرم فأهدي لنا طير، وطلحة راقد فمنا من أكل ومنا من تورع فلم يأكل، فلما استيقظ طلحة وفق من أكله، وقال: أكلناه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
3091 - وعن عمير بن سلمة الضمري عن البهزي: «أنه خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد مكة حتى إذا كان في بعض وادي الروحاء وجد الناس حمار وحشي عقيرًا فذكروه للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أقرّوه حتى يأتي صاحبه، فأتى البهزي وكان صاحبه فقال: يا رسول الله! شأنكم هذا الحمار فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر فقسمه في الرفاق وهم محرمون، قال: ثم مررنا حتى إذا كنا بالأثاية بين الرويثة والعرج إذا ظبي حاقف في ظل وفيه سهم فزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلًا يقف عنده لا يُريبه أحد من الناس حتى يجاوزوه» رواه أحمد والنسائي ومالك في "الموطأ". وفي رواية أحمد: «فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا أن يقف عنده حتى يجيز الناس عنه» والحديث قال في "الفتح": صححه ابن خزيمة وغيره.
3092 - وعن أبي قتادة قال: «كنت جالسًا مع رجال من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في منزل في طريق مكة ورسول الله أمامنا والقوم محرمون وأنا غير محرم عام الحديبية فأبصروا حماراً وحشيًا وأنا مشغول أخصف نعلي فلم يؤذنوني وأحبوا لو أني أبصرته فالتفت فأبصرته فقمت إلى الفرس فأسرجته ثم ركبت ونسيت السوط والرمح فقلت لهم: ناولوني السوط والرمح، فقالوا: والله لا نعينك عليه فغضبت فنزلت فأخذتهما ثم ركبت فشددت على الحمار فعقرته ثم جئت به وقد مات فوقعوا فيه يأكلونه ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم فرحنا وخبأت العضد معي فأدركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألناه عن ذلك، فقال: هل معكم منه شيء؟ فقلت: نعم، فناولته العضد فأكلها وهو محرم» متفق عليه واللفظ للبخاري، ولهم في رواية: «هو حلال فكلوه» ولمسلم: «هل أشار إليه إنسان أو أمره بشيء؟
قالوا: لا، قال: كلوه»
وللبخاري: «هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها وأشار إليها؟ قالوا: لا، قال: فكلوا ما بقي من لحمها» وفي رواية لهما: «إنما هي طعمة أطعمكمها الله».
3093 - وعنه قال: «خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية فأحرم أصحابي ولم أحرم فرأيت حمارًا فحملت عليه فاصدته فذكرت شأنه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكرت أني لم أكن أحرمت وإني إنما اصطدته لك، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يأكلوه ولم يأكل منه حتى أخبرته أني اصطدته له» رواه أحمد وابن ماجه، قال في "المنتقى": بإسناد جيد، قال أبو بكر النيسابوري وابن خزيمة والدارقطني قوله «إني اصطدته لك وإنه لم يأكل منه» لا أعلم أحدًا قاله في هذا الحديث غير معمر.
3094 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صيد البر لكم حلال وأنتم حُرُم ما لم تصيدوه أو يصد لكم» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، ورواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، انتهى. وقال الشافعي هذا أحسن حديث روي في هذا الباب وأقيس.
قوله: «أقرّوه» أي اتركوه، «الرفاق»: جمع رفقة، «والأثاية» بضم الهمزة وكسرها بعدها ثاء مثلثة وبعد الألف تحتية موضع بين الحرمين فيه مسجد نبوي أو بئر دون العرج.
قوله: «حاقف» الحاقف الرابض في حقف من الرمل.
قوله: «لا يريبه» أي لا يزعجه.